السبت، 26 نوفمبر 2016

الثائر عمرو موسى من واد الماء باتنة


إن الضغط الذي مارسه المستدمر الفرنسي في فرض الضرائب والعقوبات ومظالم القيادة وسنوات الجفاف وإنتزاع الأراضي والطرد الجماعي نحو السفوح الجبلية سواءا من قبل إ دارة المستدمر أو حراس الغابات ,والأسوء فرض التجنيد الإجباري ودعوة العمال للعمل في فرنسا ثم فرض حالة الطوارئ ومنع السفر ورخصة حمل السلاح كانت كل هذه المصائب تنزل على السكان بدون رحمة وتؤكد جميع المصادر الشفوية بأن سبب حوادث مستاوة وبلزمة تعود معظمها إلى هذه العوامل وخاصة التجنيد الإجباري لأنها ضريبة تفوق طاقتهم.

وخلال هذه الفترة ظهر العملاق والمقاوم الوطني *عمرو موسى * إبن بلدية وادي الماء المجاهدة التي كتبت تاريخها بحبر دماء أبنائها,ظهر في جبال مستاوة والشلعلع وبلزمة وينتمي بدوره إلى فرسان القمم أمثال إبن النوي والمسعود بن زلماط,خرج هذا المجاهد بعدد قليل من رفاقه منذ 1915 وهذا خلال خلافه مع حراس الغابات وورشة النجارة في مستاوة لأحد المعمرين في وادي الماء فقام باحراقها وقتل أحد عمالها فأصبح مطاردا من قبل الدرك والقيادة وتمكن عمرو موسى بحنكته أن يكون فوج من ستة مجاهدين رافضين للإستغلال الفرنسي والتجنيد الإجباري ,فقام على تشجيع الفارين والرافضين وأخذ ينظم المجاهدين ليفتح جبهة مستاوة ضد المستدمر الفرنسي,وطلب بعقد إجتماع مع الأعراش وطالبهم بجمع الأسلحة وتقديمها للقادرين على حملها وفتح الطريق لكل من يريد الإنضمام إليه وإشترط عليهم أن يكونو مسلحين كما دعى إلى جمع الزكاة والعشور لتمويل الثورة وطلب من الكبار توعية المواطنيين من أجل تدعيم الثورة بالمال والرجال وفي إجتماع عقده بالقرب من وادي الماء خاطب الحاضرين *أيها الناس إنها الفرصة الأخيرة لنا ومن خرج منكم مجاهدا في سبيل الله فإنما يجاهد لنفسه وعرضه*وتؤكد المصادر الشفوية بأن الحاضرين قد وافقو على الخطة وبدأ المتطوعون يتقاطرون على مستاوة من كل الجهات المجاورة ,أما عن إنطلاق الثورة فإنه قد أشار بأنها ستنطلق في نقطة ما ؟ لكن ما نرجو هو الحفاظ على السرية وتلبية نداء الجهاد بسرعة كما يجب على دوار أن يبدأ في تنظيم الهجومات على المستدمرين ومصادرة أموالهم وإضرام النار في ضياعهم مع تهديم الجسور ليلا, وتخريب وإحراق أبراج حراس الغابات بالإضافة إلى تهديد القياد و حراسهم ومحاولة إستمالة الوطنيين (بني وي وي) وأخيرا ختم كلمته *والآن يمكنكم أيها الإخوان أن تنصرفوا وعلموا أن هذه الثورة تحتاج إلى الرجال والمال والسلاح*

وقال مخاطبا الحاضرين *أنه لا يخفاكم أن العدو يملك إمكانيات كبيرة أما أنتم أيها المتطوعون فكونوا قلبا واحدا ويدا واحدة ولانتراجع عن هذا الأمر حتى ننتصر أونهلك دونه وعندئذ نفوز بالنصر أو الإستشهاد أما أنتم أيها الشيوخ فاطلبوا الله أن ينصرنا,ويثبت أقدامنا على الكفار,ثم إياكم وإفشاء السر وأن باب التطوع مفتوح لكل من يرغب في الجهاد ,هكذا بويع عمر بن موسى ورفاقه على بداية إعلان الجهاد ضد الكفار, وإسترجاع ما أخذ من السكان,ثم محاولة إنقاذ الرجال والشبان المدعويين إلى الحرب أو العمل في فرنسا,وإسترجاع الكرامة التي داسها المستدمر الفرنسي وهذا بموافقة الوفود الحاضرة,التي ألفت أول فرقة لبداية الجهاد ,وهي مثل التي ولدت بقرية أولاد موسى بأريس بقيادة مصطفى بن بولعيد,ليلة أول نوفمبر 1954 والتي كان لها شرف إسترجاع السيادة الوطنية,وكان الفارق الزمني 38 سنة و11 يوما.

وقد بدأت هذه الفرقة نشاطها ضد المصالح الإستعمارية,كتهديم الجسور,ووتنظيم الهجومات على المعمر ومصادرة أموالهم,وإضرام النيران في ضياعهم وقطع أعمدة الكهرباء وتهديد الأعوان العملاء ووضع الكمائن فعاش الأوراس ما بين 27,25 أكتوبر 1916 حالة تأهب وانتظار لثورة كبرى إذ أصبح كل شيء ينذر بالخطر والإنفجار وتقول المصادر الفرنسية *لقد عاد الأوراس موطن الثورات,وداحر الإستدمار الروماني,وعدو الفرنسيين الى المشاغباته التي عرفها عبر العصور,والحارق لتمقاد وقد حدث خلال إثنى عشرة ليلة في الأوراس ما يزيد عن ثمانية عشرة حالة إغتيال ,وإعتداء استهدفت المعمرين,وفي السابع والعشرين من أكتوبر 1916شهدت بلزمة عدة إغتيالات كما شاهدت خنشلة وعين البيضاء حوادث مماثلة.

أما في مستاوة فقد كان أول كمين وضعه الثوار لكتيبة الزواف يوم 8 نوفمبر 1916 بمضيق تاجنانت(وادي الماء),فقد فيه المستدمر الفرنسي ملازما زعددا من الجرحى والقتلى.ونظرا لنجاح العملية,فقد نظم السكان أغنية في مدح المجاهدين وعلى إثر الكمين تأكد نائب دائرة باتنة بأن (الخارجون عن القانون) مصرون على رفض الأوامر الموجهة إليهم.وعلى إثر هذا أخبر عامل قسنطينة بما جرى من حوادث ببلدية مروانة.

وفي نفس الوقت استقدم كتيبة من الزواف,والسنغال الى جبل مستاوة لملاحقة المتمردين وحراسة المعمرين والإدارين.

كما أخبر عامل قسنطينة الحاكم العام بالجزائر يقول:بأن ظاهرة رفض التجنيد بدائرة باتنة التي بدأت منذ شهر سبتمبر،قد أخذت منعطفا جديدا،يبعث على القلق.كما أخبره في نفس الوقت:بأنه تم خلال (12)يوما كانت (18)حالة إغتيال،وأكثر من ذلك حالات إعتداء،وفي نفس الوقت فقد اضطر المجاهدين السرية العسكرية للمحافظة على الأمن في مستاوة وبلزمة وغيرها من الأماكن،كان الأمر خطير جدا وتقول مصادر فرنسية بأن الثوار ظلوا يجوبون المناطق ويتحركون بدون توقف،وكانوا يحملون علم الرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا قد دعواخلال إجتماعهم *ببومغار*بجبل أولاد سلطان إلى تجنيد كل الامكانات،من أجل إفشال هذا المشروع،الذي يهددهم في أولادهم،وقد سارع رجال الدرك بنقاوس إلى عين المكان،لكن نظرا لبعده وصعوبته فإنهم لم يتشجعوا على صعود الى مكان الاجتماع وهذا رغم عملهم بذلك الإجتماع عن طريق عملائهم.

ويشهد الفرنسيون أن الحاكم العام قد إستعمل كل الطرق الفعالة لإخماد هذه الثورة المجيدة وهي في المهد،بحيث سارع بمجرد طلب النجدات الى محاصرة الأوراس منبع الثورة،ووضعها تحت النظام العسكري،وألغى إدارته المدنية من أجل قمع الثورة ومحاصرتها كما عين في نفس الوقت مبعوثا خاصا خوله جميع الصلاحيات،لإتخاذ الإجراءات الضرورية والسريعة.كما أوفد لجنة الأمن والنظام،وزودوها بجميع الصلاحيات المطلقة وليس لقراراتها إستئناف.وفي هذا الصدد قال نائب دائرة باتنة الجديد *بأن عمليات التنظيف لم تنقطع أبدا ،وهذه العملية نفسها قد جعلت فرق الزواف والسنغال الأولى تتجاوز الحدود،وذلك بتنفيذ الأوامر الصادرة إليها وهي إطلاق النار على كل من يقع أمام النظر*.

وبناء على هذا فقد قام الجيش المستقدم فيما بعد الى الاوراس بعملية القمع الطيئة والوحشية ،وكانت وسائل الاعلام الفرنسية تشوه الأخبار التي تروجها بحيث كانت تزعم بأن هذه الثورة موجهة من الخارج،وأن من يقوم بها هم مجموعة من اللصوص،وإننا في طريق القضاء على أخرهم لكن ما أكد عجزهم في القضاء على الثوار هو أستغاثة الحاكم العام بالحكومة الفرنسية التي أنجدته بسحب لوائين من الجهة،وإرسالهما على جناح السرعة إلى الأوراس.إن مثل هذه الدعايات قد أعيد تكرارها مرات كثيرة ،وحاولت وسائل الإعلام الفرنسية إقناع الجزائريين والمعمرين بأن ما يجري في الجزائر هو مجرد خروج عصابات من قطاع الطرق ضد السكان والادارة تعمل بجد لكي تلقي القبض على هؤلاء وتطلب حكم البلديات،ونائب دائرة باتنة من الحاكم العام أن يبعث لهم الجيش،بدعوى أن القوات الموجودة في الاوراس لم تعد كافية للقضاء على (المتمردين)وإعادة الأمن الى المنطقة وهكذا تقرر مبدئيا منذ 16-11-1916وضع الجنرال (موانييه ،moinier)تحت تصرف الحاكم العام الذي أعطى بدوره في 21-11-من نفس السنة كل الأحكام العسكرية والمدنية الى رئيس دائرة باتنة الذي قدم إنذار للثوار وأعطاهم فيه مهلة الإستسلام الى غاية 30-11-1916،وفي نفس الوقت وصلت إلى الأوراس (5كتائب)من الجنود السنغال تم توزيعها على البلديات الثائرة و8فرق من الزواف وقد بلغت هذه القوات في 30-11_1916 (6142 جندي،106 ضابط).

أما في بداية شهر ديسمبر فقد إرتفع عدد القوات القادمة إلى الاوراس (13892 جندي)و(275 ضابط) وأسندت قياد هذا الجيش إلى الجنرال التفتيش والتمشيط الواسعة والدقيقة والواقع أن فرق المجاهدين قد تجنبت المجابهة مع هذه القوات التي يتألف معظمها من الزواف والسنغال نظرا لقلة إمكاناتها المادية والبشرية اللهم إلا بعض المناوشات والقيام ببعض الكمائن وسنلاحظ أن هذه القوات الفرنسية سوف تعجز عن إقتحام الجبال..لكن يبدو أن القوات الفرنسية قد بدأت منذ منتصف نوفمبر 1916 تقوم بالهجوم المعاكس إذ لوحظ منذ وصول هذه القوات تراجع الثوار،بالإضافة الى سلبية بعض الأعراش وحسب المعلومات المبدئية فإن عدد الدواوير الرافضة كان (30 دوار) من بين (113 دوار) ويصبح عدد الدواوير الثائرة إلى غاية هذا التاريخ 22% من سكان دائرة باتنة بينما يقول ديبون :إن عدد القبائل الثائرة لا يزيد عن 20% من سكان دائرة باتنة البالغ عددهم (289,898 نسمة)أما حسب المعلومات الاولية فإن عدد الثوار يكون ما بين (3000 الى 4000 ثائر)في كامل الأوراس لكن رغم هذا فإن عددهم غير معروف بالضبط لأنه ليس هناك سجلات ولا منح وكل ما هنالك من المعلومات فهي عبارة عن استنتاجات وتخمينات أما الجنرال (بونيفال،bonnival)فيؤكد في رواية تاريخية أن عدد الثوار كان أكثر بكثير مما تتصور الإدارة المدنية ولكن يبدو أن بونيفال ذكر حتى الدواوير التي شهدت نوعا من الغليان أو التي وصلتها آثار الثورة جزئيا ، ولكن (أجيرون)عندما يقارن عدد السكان بعدد الثائرين يقول:إذا بلغ عدد الثائرين ثلاثة أو اربعة آلاف في ناحية يسكنها (3000ساكن)فإن هذا الأمر لا يطابق الواقع اللهم إذا كان المجاهدون ليسوا من أبناء الدواوير التي أوتهم،وإنما يكونون قد قدموا من جهات أخرى خلال عمليات التمشيط وهو أمر محتمل جدا.وهذه الظاهرة قد حدثت خلال الثورة التحريرية بحيث وقعت هجرة إضطرارية نحو المناطق الآمنة وصعبة الإختراق.

وإبتدا من 5-12-1916 بدا إستقدام الكثير من الزواف والسنغال إلى مستاوة والشلعلع وبلزمة ومتليلي وأولاد سلطان وعين توتة…لصرب الحزام عليها وخنق الثورة من الداخل ولم تكتفي الإدارة العسكرية الفرنسية بالعدد الهائل من الجيش الموجود في الأوراس بل طلبت فرقتين جديدتين لكنها لم تحصل في الواقع إلا على كتيبة واحدة من أجل إرهاب السكان وإعادة مسح مستاوة والشلعلع ورفاعة وجبل أولاد سلطان ومتليلي بحثا عن عمالقة الأوراس (عمرو موسى )وغيره وذلك بعد اتلكمين الذ ي نصبه الثوار بقيادة المجاهد عمربن موسى في مضيق تاجنانت حيث جرح فيه عدد من الزواف حسب المصادر الفرنسية.

وخلال هذه العمليات الفدائية والمتكررة الضارة على المستدمر الفرنسي تم سحب لوائين من الجبهة الأوروبية قوامهما (6000 رجل) وعند وصول هذه القوات الى الأوراس باشرت أعمالها التخريبية وإلقاء القبض على كثير من المجاهدين،وكانت الخسائر في الجيش الفرنسي كما تؤكده المصادر العسكرية حتى سنة 1917 (15 قتيلا و30 جريحا) ومفقودين،وبدأت معنويات المجاهدين تنهار بعد جمع العائلات من أجل الضغط عليهم لكي يستسلموا،وفعلا فإن معظمهم استسلم بشهامة لإنقاض عائلاتهم من البرد و الجوع ولإهانة ويقول (أجيرون):أنه بهذ الطريقة الجهنمية تم إخماد أنفاس الثورة في ظرف شهرين وذلك عن طريق الحرب النفسية وغيرها.

وقالت صحيفة الإقدام في سبتمبر 1922 :بين سنتي 1916-1917 أحرقت مداشر السكان وانتهكت حرماتهم وصودرت قطعانهم،لأنهم ثاروا ضد التجنيد لأبنائهم،وأرسالهم إلى الخنادق وشوهو ولعنوا وماتزال فضائح بعض المناطق في أعالى لاأوراس التي إرتكبها الزواف والسنغال السود ماثلة في الأذهان وهذا عندما أطلق الحاكم العام العنان لقاد هذه الكتائب.

كتب التاريخ في أعالي الأوراس (ثورة 1916 ضد التجنيد الفرنسي ) بمستاوة والشلعلع وبلزمة وجبال أولاد سلطان… بقلم وحبر من دم شهدائنا التي تبقى ذكرى ومفخرة لجيلنا هذا.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار .

المصدر  بوبشيش مراد

هناك تعليقان (2):

  1. أولا نشكرك على الالتفاتة، ثم نتساءل: لماذا تجاهلت ذكر لقب البطل ( عقيني عمر بن موسى) فالقارئ يظن أن لقب البطل هو:(بن موسى) لكن موسى هو والده: فالتوضيح كما يلي: عقيني (بثلاث نقاط فوق حرف القاف) عمر إبن موسى ،وينادى حسب عادة المنطقة: عمر أُو موسى

    ردحذف
  2. يوم جيد، أود أن أتقدم بطلب للحصول على تمويل، اسمي رويد عساف، أنا مطور عقاري من دبي، إحدى مدن الإمارات العربية المتحدة، أوصي بشدة بمؤسسات القروض الائتمانية إذا كنت تفكر في أي قرارات مالية أو لاقتراض أموال. هم الأفضل. أود أن أشكرهم على خدمة العملاء الممتازة وعلى أموال قرض المشروع البالغة 950.000.00 دولار التي تلقيتها منهم. إذا وجدت نفسك بحاجة إلى قرض لتمويل الأعمال التجارية أو الشخصية أو المشاريع أو الاستثمار أو توحيد الديون، فيرجى الاتصال بهم عبر البريد الإلكتروني: Loancreditinstitutions00@yahoo.com أو Whatsapp: +393512114999. أو +393512640785
    واتساب: +393509313766

    ردحذف