الشهيد علي النمر
الشهيد علي النمر
نشاته
ولد علي النمر في 16 مارس 1925 في مشتة أم الرخاء بدوار حيدوسة قرب مروانة
التي كانت تدعى في العهد الاستعماري البائد بالبلدية المختلطة بلزمة أو
كورناي، التابعة لولاية باتنة في سلسلة جبال الشلعلع، من أب يدعى مختار بن
علي بن ملاح
والمولود
عام 1888 بحيدوسة، والذي كان عاملا في أحد المناجم قرب قريته تستغله شركة
استعمارية، أما جده فكان طبيبا شعبيا يمارس مهنة التداوي بالأعشاب على
الطريقة التقليدية، ومن أم تدعى (الطاوس حجام) المولودة في 1892 وأصلها من
بلدية (افرحونن) ولاية تيزي وزو من جبال جرجرة الشامخة، وقد انجب أبواه
عددا كبيرا من الأطفال فتوفوا جميعا ولم يعش منهم إلا طفلين وهما ذهبية
وعلي.
تعلمه
التحق بكتاب القرية لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم خفية عن أنظار العدو
زعملائهم كغيره من الجزائريين، ثم انتقل به والده غلى مدينة باتنة وهو لم
يتجاوز بعد العقد الأول من عمره. وفي مدرسة الأهالي بمدينة باتنة واصل
تعلمه باللغتين العربية والفرنسية، ورغم السنوات القليلة التي قضاها في هذه
المدرسة فقد استطاع أن يتقن القراءة والكتابة باللغتين معا، وهو في
المستوى الذي يسمح ببلوغه لأغلب
أبناء
المنطقة ممن كان لهم الحظ في الدخول إلى المدرسة..إذ لا يحق لهم تجاوز
المستوى الابتدائي وهو مخطط استعماري معروف، وقد انقطع عن الدراسة في نهاية
الثلاثينيات بسبب خلاف بينه وبين معلمه الفرنسي الأصل، وراح يبحث عن العمل
في مطلع الأربعينيات إبان الحرب العالمية الثانية لمساعدة اسرته الفقيرة.
وقد مكنته السنوات القليلة التي قضاها في المدرسة من الوصول إلى مستوى
ثقافي معتبر حيث يستعمل اللغتين العربية والفرنسية بطلاقة وأصبح خطيبا شديد
التأثير على مستمعيه كانت الخلية تعقد اجتماعاتها كلما دعت الضرورة وفي
سرية تامة مع تغيير مكان الاجتماع في كل مرة. وكان نشاط الشهيد على النمر
محل ملاحقة واهتمام من طرف رجال الأمن الفرنسيين، إلا أن شدة كتمانه للسر
وحنكته وذكائه جعلهم يعجزون عن كشف المهام التي كان يقوم بها من جهة وقوة
ثقة المناضلين فيه وحبهم له من جهة أخرى. كان يتمتع بثقة كبيرة لدى مصطفى
بن بولعيد، وله كفاءة سياسية وثقافية أكثر من جميع المناضلين الذي يترأسهم
في الخلايا وله سمعة كبيرة في اوساط الشعب، يصفه بعض زملائه بأنه كان مؤمنا
ومسلما حقا يصلي ويصوم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان ذكيا جدا
وداهية يجمع بين الجد والمرح والمزاح، وكثير السرية في الامور الخطيرة
وشجاعا لا يهاب الموت والمخاطر، يعجز كل من يخالفه في الامور السياسية
ويتغلب عليه بالحجة والاقناع، ويمتاز بالمهارة النادرة في تفسير الرؤيا
وقوي البصيرة يعتمد على الإسلام والآيات القرآنية في التوعية وتوحيد
المناضلين والجماهير الشعبية
.
حياته الاجتماعية الاقتصادية
عاش مرحلة طفولته كغيره من الشباب الجزائريين في الحرمان وضنك العيش الذي
فرضه الاستعمار الفرنسي على سكان المنطقة خاصة والجزائر عامة لا سيما بعد
ثورة 1916 في كل من مروانة، باتنة، عين التوتة وما جاورها، أين شدد
الاستعمار قبضته الحديدية على السكان بعد قتل ونفي المئات، وتجريد الباقين
من أراضيهم وجميع ممتلكاتهم، فكان علي النمر كبقية الوطنيين يتابع عن كثب
هذا الوضع غير الطبيعي الناتج عن انتقام العدو من السكان بعد كل ثورة من
الظلم والاضطهاد والتعسف وثالوث الفقر والجهل والمرض المسلط على الشعب.
ونظرا للوضع المادي السيء لأسرته، فقد اضطر إلى البحث عن اعمل لمساعدتها في
بداية الاربعينيات، وفعلا تمكن من إيجاد منصب عمل في الشركة الصناعية
للقبائل الصغرى التي كانت تقوم باستغلال الخشب في غابات هذه المناطق. وقد
اشتغل في هذه الشركة مدة ست سنوات كعامل متخصص في النجارة فتمكن بذلك من
تخفيف أثر
الفقر
والبؤس عن أسرته الصغيرة، وقد تزوج مبكرا في مطلع الأربعينيات وبالضبط عام
1943 بالسيدة (العلجة لوشن) بنت فرحات من عين التوتة وهي أخت المجاهد
الشهيد (الطاهر لوشن)، الذي كان من المجاهدين الأوائل وأحد قادة الثورة.
أنجب ولدا وحيدا منها، سنة 1946 المدعو عمار النمر ولا يزال على قيد
الحياة، وقد كرر الزواج أثناء الثورة التحريرية بأرملة شهيد في المنطقة
الثانية بآريس عندما كان على رأس المنطقة، ولم يخلف الأولاد من الزوجة
الثانية.
ومن حيث رعايت لعائلته يقول عنه زميل صباه ورفيقه في حزب
انتصار الحريات الديمقراطية المجاهد الحاج عبد الحفيظ عبد الصمد: "كان
مهملا لعائلته من أجل الثورة والإعداد لها ومنفقا أمواله لصالح الحزب
والوطن" ولم تحظ عائلته بالرعاية الكافية بسبب تخصيص حياته للجزائر الشيء
الذي جعله لا يخلف شيئا من الممتلكات من حطام الدنيا الزائلة حيث كان يسكن
منزلا
متواضعا
جدا لأبيه ببوعقال-باتنة مبني بلبنات التراب ومسقف بنبات الديس فوق قطعة
من الأرض مساحتها حوالي نصف هكتار، باعها أبوه ثناء الثورة التحريرية لينفق
على عائلته. وقطعة أرض أخرى مساحتها حوالي 2 هكتار ببوعقال باعها أبوه
أيضا بعد الاستقلال عام 1967 بثمن بخس لتغطية نفقات الأسرة وزواج حفيده
عمار النمر الذي لم يترك له أبوه الشهيد شيئا. توفي أبوه سنة 1970، ثم
توفيت أمه سنة 1977 بعدما عانا الكثير من الفقر لأن ولدهما البطل لم يترك
لهما شيئا إذ كان ينفق دخله الشهري من عمله على المناضلين، حيث كان كريما
جدا
نضاله ونشاطه السياسي قبل الثورة
يؤكد زملاؤه في الحركة الوطنية أنه انضم إلى حزب الشعب الذي كان ينشط سرا
أثناء الحرب العالمية الثانية وذلك في حدود سنة 1943 بباتنة وهو لم يتجاوز
18 سنة من عمره، ثم واصل نضاله وتعاظمت مسؤولياته ومهماته داخل حزب انتصار
الحريات الديمقراطية ضمن خلية مدينة باتنة ثم في الخارج، إذ في أواخر سنة
1948 هاجر إلى فرنسا تحت غطاء البحث عن العمل في أوروبا بينما كان الهدف هو
تجنيد المناضلين وتوعيتهم حيث استقر في منطقة (الزاس لوراين) كمسؤول حزبي
يشرف على
عدد
من الخلايا التي كان يرأسها كل من لوشن الطاهر والعائب عمر ومحمد حرسوس
المدعو بوحة وهم جميعا تحت مسؤوليته، بينما كان شيحاني بشير يتصل
بالمناضلين وينسق النشاط بينهم في الجزائر وفرنسا.
بعد أكثر من سنتين
قضاها في فرنسا في سبيل تعبئة صفوف المناضلين عاد إلى باتنة، ليواصل نشاطه
السياسي كمسؤل عن عدد من الخلايا، إلى جانب ممارسته لنفس المهنة كتجار في
شركة أمريكية تستغل الثورة الغابية بالمنطقة وقام بتنظيم إضراب عمالي كبير
في الشركة، كما ساهم في التحضير والدعاية لانتخابات 1948 التي ترشح فيها
مصطفى بن بولعيد وعندما وقع الانشقاق في حركة انتصار الحريات الديمقراطية
1953-1954 وقع تقهقر وتشدد في أوساط المناضلين وحدثت صراعات حادة أدت إلى
تقلص أفراد بعض الخلايا وانحلال بعضها.
أين تمكن الشهيد علي النمر في
هذه الظروف أن يساهم بفعالية في تشكيل خلايا جديدة في هذه الفترة لا سيما
في عام 1954. ولم يقتصر نشاطه على مدينة باتنة وحدها بل استطاع أن يكون
خلية حزبية في مدينة سريانة من مناضلين بعضهم كان يعمل تحت
إشرافه
في فرنسا. من أشهر زملائه في الخلية السرية التي أنشأت بعد الانشقاق في
مدينة باتنة حرسوسي محمد المدعو بوحة- شهيد، ورشيد بوشمال أمين خلية –
شهيد، وعبد الحفيظ عبد الصمد، والحاج لخضر أعبيدي وعمر العايب ومسعودي محمد
حادثة استشهاده واسبابها
في
عام 1958م وصل الجنرال ديغول الى الحكم وطهر ما يعرف بالجمهورية الفرنسية
الخامسة ولحساب تحجيم الثورة والحد من فعاليتها قامت فرنسا بعملية خداع ضد
الثورة وظهر ما يعرف بالسلم الشجعان هذه النغمة التي كان القصد منها زرع
بدور الفتنة والشقاق بين المجاهدين وترويضهم للألقاء السلاح والجلوس الى
مائدة المفاوضات فى طل طروف غير متكافئة ليتسنى لها فرض واملأ شروطها كما
ينبعي ويتجاوب مع اهداف السياسة الاستعمارية الأثيمة ولكن يقضت أبطال
الثورة حالت دون ذلك وقاموا بالرد الفوري على هذه الخديعة وابطال مفعولها
وذلك بتشكيل لجان بقيادة القادة المحنكين لشرح هذه المؤامرة ودواعها فقام
الرئد على النمر وبعض مساعديه بجولة عبر نواحي الولاية الأولي لشرح موقف
الثورة حيال هذه الخديعة حتى لا يقع التباس والغرور فأنتقل من جبل كيمل اين
كان متمركزا فبها كقائد الولاية الى جبل الشلية الذي نزل فيه بمركز الثورة
براس كلثوم وبعد فترة قصيرة بداء الاجتماع مع رؤسى القسمات والنواحي
والمناطق بهدف دراسة الاوضاع العسكرية والسياسية المستجدة على الساحة
الوحدة الثورية بين المجاهدين وتعزيز العمل الجماعي والذي هم ضمن استمرار
الثورة وتحقيق الاهداف السامية لها وبعد الانتهاء من
الاجتماع قرر معاذرة رأس كلثوم الى القسمة الخامسة وفى طريقه ارسل كتيبة
لتامين الطريق ولما وصل الى جبل بوعلوان وقع ما لم يكن فى الحسبان اذ قامت
القوات الفرنسية بتمشيط الجبل واحاطته من كل جانب بقوات قوامها مئات او
الالاف من
الجنود والطائرات والمذرعات الموفدة من جميع المراكز وفى يوم اربعة جوان
1958 وقعة المعركة بين الطرفين بداء بقصف الطائرات الحربية المتمثلة في ب29
و ت س و الكاشفات العمودية من نوع بنان والمدفعية ولعدم تكافئ القوة أنسحب
المجاهدين من
ميدا ن المعركة مخلفين وراءهم قتلي وجرحي الى جبل الشلية وفى 5 جوان 1958
عاد الجيش الفرنسي وجمع قواته وعاد الى الجبل لنقل موتاهم والحرجي وهناك
عثر على حرجي من جيشي التحرير وتعرف ان هناك قائد المعركة هو قائد الولاية
الرئد على النمر فجهز جيشنا قويا لملاحقته فى جبل شيلية وفى منتصف اليوم
الخامس بداء الهجوم على المجاهدين بما فيهم الرئد علي النمر وانزال الجنود
في كل مكان بالجبل مستخدمة
القنابل النبالم وجميع الأسلحة الفتاكة وفي منتصف يوم 6 جوان 1958 استشهد
الرئد علي النمر برأس كلثوم فى مكان يسمي خنقة لخره وأصيبت الوحدة بصدمة
شديدة بفقدان قائدها الجسور في اشرف ملحمة بطولية عرفتها الاوراس الرائدة
ونتيجة ذلك اصبح البقاء في المعركة معامرة وانتحار فنسحب المجاهدون وبعد
الانتهاء تعرف العدو على الشهيد علي النمر وحمل على مقدمة الدبابة ويطوفون
به معلنين انتهاء الثورة بنهاية البطل المغوار علي النمر وأخيرا دفنوه في
مرمي الفضلات في قرية يابوس رحمه الله
اتمت كتابة هذة الحياة من طرف ابن الشهيد علاوة عمر ابن رفيق علي النمر
ستبقي هذه المعلومات المدنية والعسكرية من طرف شيوخ القرية ومجلة اول نوفمبر تحت رقم 58/1983
الروات من المدنيين
01 بلقاسم النمر عم الشهيد
02 حملاوي النمر ابن عم الشهيد
03 مصباح عيساني مجاهد
04 علي ماضى صهر الشهيد
الروات العسكرين
01 مبروك معزيز مجاهد رفيق الشهيد وحاضر في المعركة
02 الصالح علاوة المدعو بودماغ رفيق الشهيد
03 مسعود دعاس المدعو ستيرة
05 مجلة أول نوفمبر
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والخزي والعار لمن خان الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق